سورة العنكبوت - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (العنكبوت)


        


{فَئَامَنَ لَهُ} لإبراهيم عليه السلام {لُوطٌ} هو ابن أخي إبراهيم وهو أول من آمن له حين رأى النار لم تحرقه {وَقَالَ} إبراهيم {إِنّى مُهَاجِرٌ} من كوثى وهي من سواد الكوفة إلى حران ثم منها إلى فلسطين وهي من برية الشام، ومن ثم قالوا: لكل نبي هجرة ولإبراهيم هجرتان. وكان معه في هجرته لوط وسارة وقد تزوجها إبراهيم {إلى رَبّى} إلى حيث أمرني ربي بالهجرة إليه {إِنَّهُ هُوَ العزيز} الذي يمنعني من أعدائي {الحكيم} الذي لا يأمرني إلا بما هو خير {وَوَهَبْنَا لَهُ إسحاق} ولداً {وَيَعْقُوبَ} ولد ولد ولم يذكر إسماعيل لشهرته {وَجَعَلْنَا فِى ذُرّيَّتِهِ النبوة} أي في ذرية إبراهيم فإنه شجرة الأنبياء {والكتاب} والمراد به الجنس يعني التوراة والإنجيل والزبور والفرقان {وَءاتَيْنَاهُ} أي إبراهيم {أَجْرُهُ} الثناء الحسن والصلاة عليه إلى آخر الدهر ومحبة أهل الملل له، أو هو بقاء ضيافته عند قبره وليس ذلك لغيره {فِى الدنيا} فيه دليل على أنه تعالى قد يعطي الأجر في الدنيا {وَإِنَّهُ فِى الآخرة لَمِنَ الصالحين} أي من أهل الجنة: عن الحسن {وَلُوطاً} أي واذكر لوطاً {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الفاحشة} الفعلة البالغة في القبح وهي اللواطة {مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مّن العالمين} جملة مستأنفة مقررة لفحاشة تلك الفعلة كأن قائلاً قال: لم كانت فاحشة؟ فقيل: لأن أحداً قبلهم لم يقدم عليها، قالوا: لم ينزل ذكر على ذكر قبل قوم لوط.


{أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرجال وَتَقْطَعُونَ السبيل} بالقتل وأخذ المال كما هو عمل قطاع الطريق، وقيل: اعتراضهم السابلة بالفاحشة {وَتَأْتُونَ فِى نَادِيكُمُ} مجلسكم ولا يقال للمجلس نادٍ إلا ما دام فيه أهله {المنكر} أي المضارطة والمجامعة والسباب والفحش في المزاح والحذف بالحصى ومضغ العلك والفرقعة والسواك بين الناس {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ ائتنا بِعَذَابِ الله إِن كُنتَ مِنَ الصادقين} فيما تعدنا من نزول العذاب. {إنكم} {أئنكم} شامي وحفص وهو الموجود في الإمام، وكل واحدة بهمزتين كوفي غير حفص {آينكم} {آينكم} بهمزة ممدودة بعدها ياء مكسورة: أبو عمرو {أينكم} {أينكم} بهمزة مقصورة بعدها ياء مكسورة: مكي ونافع غير قالون وسهل ويعقوب غير زيد {قَالَ رَبّ انصرنى} بإنزال العذاب {عَلَى القوم المفسدين} كانوا يفسدون الناس بحملهم على ما كانوا عليه من المعاصي والفواحش.
{وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا إبراهيم بالبشرى} بالبشارة لإبراهيم بالولد والنافلة يعني إسحق ويعقوب {قَالُواْ إِنَّآ مُهْلِكُو أَهْلِ هذه القرية} إضافة {مهلكوا} لم تفد تعريفاً لأنها بمعنى الاستقبال. والقرية سدوم التي قبل فيها أجور من قاضي سدوم وهذه القرية تشعر بأنها قريبة من موضع إبراهيم عليه السلام. قالوا: إنها كانت على مسيرة يوم وليلة من موضع إبراهيم عليه السلام. {إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظالمين} أي الظلم قد استمر منهم في الأيام السالفة وهم عليه مصرون وظلمهم كفرهم وأنواع معاصيهم.


{قَالَ} إبراهيم {إِنَّ فِيهَا لُوطاً} أي أتهلكونهم وفيهم من هو بريء من الظلم وهو لوط {قَالُواْ} أي الملائكة {نَّحْنُ أَعْلَمُ} منك {بِمَن فِيهَا لَنُنَجّيَنَّهُ} {لننجينه} يعقوب وكوفي غير عاصم {وَأَهْلَهُ إِلاَّ امرأته كَانَتْ مِنَ الغابرين} الباقين في العذاب. ثم أخبر عن مسير الملائكة إلى لوط بعد مفارقتهم إبراهيم بقوله {وَلَمَّا أَن جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِئ بِهِمْ} ساءه مجيئهم و{أن} صلة أكدت وجود الفعلين مرتباً أحدهما على الآخر كأنهما وجدا في جزء واحد من الزمان كأنه قيل: كما أحس بمجيئهم فاجأته المساءة من غير ريث خيفة عليهم من قومهم أن يتناولوهم بالفجور {سِئ بِهِمْ} مدني وشامي وعلي {وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا} وضاق بشأنهم وبتدبير أمرهم ذرعه أي طاقته، وقد جعلوا ضيق الذرع والذراع عبارة عن فقد الطاقة كما قالوا (رحب الذراع) إذا كان مطيقاً، والأصل فيه أن الرجل إذا طالت ذراعه نال ما لا يناله القصير الذراع فضرب ذلك مثلاً في العجز والقدرة وهو نصب على التمييز {وَقَالُواْ لاَ تَخَفْ وَلاَ تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ} وبالتخفيف: مكي وكوفي غير حفص {وَأَهْلَكَ} الكاف في محل الجر ونصب {أهلك} بفعل محذوف أي وننجي أهلك {إِلاَّ امرأتك كَانَتْ مِنَ الغابرين إِنَّا مُنزِلُونَ} {منزلّون} شامي {على أَهْلِ هذه القرية رِجْزاً} عذاباً {مّنَ السماء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ} بفسقهم وخروجهم عن طاعة الله ورسوله {وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا} من القرية {آيةً بَيّنَةً} هي آثار منازلهم الخربة. وقيل: الماء الأسود على وجه الأرض {لِقَوْمٍ} يتعلق ب {تركنا} أو ب {بينة} {يَعْقِلُونَ}.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8